الكوليرا
سَكَنَ الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ، تحتَ الصمتِ، على
الأمواتْ
صَرَخَاتٌ تعلو، تضطربُ
حزنٌ يتدفّقُ، يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كل فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ
ألموتُ الموتُ الموتْ
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ
***
طَلَعَ الفجرُ
أصغِ إلى وَقْعِ خُطَى الماشينْ
في صمتِ الفجرِ، أَصِخْ، أنظُرْ ركبَ
الباكين
عشرةُ أمواتٍ، عشرونا
لا تُحْصِ، أَصِخْ للباكينا
اسمع صوتَ الطِّفْل المسكين
مَوْتَى، مَوْتَى، ضاعَ العددُ
مَوْتَى، موتَى، لم يَبْقَ غَدُ
في كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ
***
الكوليرا
في كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ
في صمْت الأبدِ القاسي حيثُ الموتُ دواءْ
استيقظ داءُ الكوليرا
حقْداً يتدفّقُ موْتورا
هبطَ الوادي المَرِحَ الوضّاءْ
يصرخُ مضطربًا مجنونا
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا
في كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداءْ
في كوخ الفلاّحة في البيتْ
لا شيءَ سوى صرَخات الموتْ
ألموتُ الموتُ الموتْ
في شخص الكوليرا القاسي ينتقمُ الموتْ
***
الصمتُ مريرْ
لا شيءَ سوى رَجْعِ التكبيرْ
حتّى حَفّارُ القبرِ ثَوَى لم يبقَ
نَصِيرْ
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ
الميّتُ من سيؤبّنُهُ؟
لم يبقَ سوى نَوْحٍ وزفيرْ
الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ
يبكي من قلبٍ ملتهِبِ
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ
الموتُ، الموتُ، الموتْ
يا مصرُ شعوري مَزَّقَهُ ما فعلَ الموتْ
تعليقات
إرسال تعليق